عدّة العزلة

  في هذه العزلة الجبرية التي تشبه عزلة التسعينات، مع أنّ الأخيرة افتقرت وسائل التواصل الاجتماعية، بدأت الذكريات تنبعث لقطة خلف أخرى، كوقاية من وباء أخبار الوباء. أغلب الذكريات تدور حول وعن أفلام تلك الحقبة التي صنعت عالماً يسمح لي النفاذ والتنفس خارج أسوار المجتمع. لم أمنع نفسي، وأنا أمتلك فائض الوقت، من جعل كل … إقرأ المزيد عدّة العزلة

رمْحة

تمسك المرآة محاذاة النافذة، وتراقب البقعة المستوطنة خدّها الأيمن منذ عقود. تلمس حدودها الناعمة ثم تعبر تلك الجزيرة المستقرّة كتاريخ حضارة بائدة. لا يرعبها منظر الندبة من قريب، إنما ينساب من ذاكرتها بؤس المشهد القديم الذي جعلها تطعم الحصان الجامح. لم يشجّ خدَّها حافرُه فحسب! بل ترك في مؤخرة رأسها صورة ممزقة للمهرة الصغيرة التي … إقرأ المزيد رمْحة

نقرأ.. ويقرأون

أغلب السير الذاتية التي قرأتها للروائيين المفضلين عندي تركت في نفسي شيئاً من الغبطة لتوفر مناخ القراءة في مرحلة مبكرة من العمر. الحديث عن تلك الأرفف الغنية بالكتب القديمة لذويهم عزز-حسبما رأيت- حجم التأثير المباشر عليهم في كتاباتهم لاحقاً. هكذا كنت أقابل كل نص يبعث صاحبُه عبقَ الذكرى المرتبطة بالكتب الأولى المتاحة له في عمر … إقرأ المزيد نقرأ.. ويقرأون

غواصو الأحقاف.. أوديسة الصحراء

هذه ليست فقط رواية. إنها ذاكرة زاخرة تمنح القارئ فسحة الفرجة في نواحيها ولمس ما ظن أنه لن يرى ولو بين دفّتي كتاب. بلغة الكاتبة الغنية وسردها الساحر، سوف تعبر الصفحات الأولى بهدوء حتى تخطفك الدهشة وتبقى في حالتك هذه لا تحيد عنها حتى تسدل ستارة النهاية. هي أوديسة الصحراء، بعثت أساطير البدو وجعلت منها … إقرأ المزيد غواصو الأحقاف.. أوديسة الصحراء

ستونر، كما لم نُرِد!

هذه من الروايات التي توقفتُ بعد الانتهاء منها في ضيقٍ وحرج: ماذا أكتب؟ كيف ألقي بها في مراجعة بسيطة تشير أو تُلمح بما فيها، ولو بقليل كلمات. لم أستطع حقيقةً. كأدب السجون الذي يخنق في النهاية، غير أنه ما من سجن ولا أحداث دموية تذكر في ستونر. إنما هي هذا البدء ثم الانتهاء من قصة … إقرأ المزيد ستونر، كما لم نُرِد!

مطر..!

للمطر دائماً طعم الفرح، ولجلجلته على تضاريس الأرض صوت الحياة..!  المرة الوحيدة التي خشيت فيها المطر وأنا في السابعة تركتْ ذكرى حميمية تعزّز رغبتي في هذا الهطول المبارك كل مرة. كان يهطل في ذلك اليوم بغزارة مرعبة لم يسبق لها مثيل. نهض أبي فزعاً من غفوته قبيل المغيب على زئير الرعد وحشرجة المطر الذي ينهش أسطح … إقرأ المزيد مطر..!

دار وديار..

في منازلنا الشعبية المتحاضنة طوال المواسم كانت البهجة. كانت الحياة. حيّز الخصوصية لا يعني في قوانين القرية إلا سواد القلب. الكل يأكل من الطبق نفسه. ويشرب من الغضارة ذاتها. في منازلنا تلك تأسست قواعدنا الأخلاقية. تأسست بمحض حماس من آباءنا الملوّحة وجوههم بشمس الكد والشقاء. هل كان شقاءً حقيقةً..! أتساءل دائماً عن المُلُوحة الحالِيَة التي … إقرأ المزيد دار وديار..

صورة 

كانت صورة الله في ذاكرتي في سن الرابعة هي وجه جدي لأبي رحمه الله. كلما هاجمتني الاتهامات ممن حولي: “يا ويلك من الله لو كذبتي!”، يبزغ وجه جدي الهادئ مع نظرة عتاب وابتسامة خلف لحيته الفضية التي تلامس أطرافها صدره. لم أتكلّم عن وجه الله أمامهم. وبقيت كذلك الصورة حتى فرّت من ذاكرتي. بل تمددت … إقرأ المزيد صورة 

سطوح

مدري من اللي بداها مننا أنا وخواني وجعل من سطح البيت القديم مقرّ المذاكرة أيام الاختبارات. كان كل واحد فينا الأربعة (بنتين وولدين) ياخذ له زولية من المخزن الخارجي، وينتبذ له مكان قصي في السطح. كل واحد اختار زاوية من زوايا البيت. اخوي الكبير سيطر على اللي تطل على الشارع لانه ما يبغى حدا البنات … إقرأ المزيد سطوح

ندبة بيضاء

تتحسس الندبة على ربلة ساقها، وتنتهز الفرصة للابتسام. ليس أنها لا تفعل ذلك، فهي تبتسم حتى والكاهل مثقل. تجول بإبهامها على امتداد الندبة حتى يتضح المشهد القديم. لم تشعر بغطاء علبة السردين يجز ساقها وهي تحمل كيس النفاية إلى الحاوية المواجهة للمنزل. كان عليها عبور الشارع الرملي شبه الخالي دائماً إلا من سيارة عمها أبو … إقرأ المزيد ندبة بيضاء